بدأ العمل في نهر السفحه المتفرع من النهر الرئيس الفرات سنة 1538م ايام السلطان العثماني سليمان القانوني عندما دعت الضرورة الى عمل هذا الجدول البسيط لنقل المياه الصالحه للأرواء اثر تحسن زراعة الشلب بدلا من الذره فحفر الجدول بعرض لايتجاوز الثمانية اذرع (اربعة امتار) وبعمق ستة اذرع أي ثلاثة امتار.وتزامن حفر هذا الجدول مع جدول غليوين , ليلتقيا بعد اثنا عشر كيلو مترا (ثلاث فراسخ) وبمرور السنين تعرض هذا الجول الى عدة عوامل حفر وطمى وتحويل مجرى نسبي , وسكنت على ضفافه عشرات البيوت والعشائر وجاءت اليه هجره من الغراف للزراعه وباعداد كبيره حتى تحول السكن الى ضفاف فروع اخذت من نهر السفحه الذي اخذ عرضه بالتزايد شيئا فشيئا خاصة اثناء الفيضانات حتى اصبح بشكله الحالي بعرض مائة مترا وبعمق ستة امتار في بعض جوانبه , وهذا الماء كله من خيرات ماء الفرات الخالد, الذي هو من الانهار الخالده عبر التاريخ الذي بنيت حوله الحضارات القديمه لمختلف العصور السومرية والبابلية وحضارة ماري ودمشق وآرام , انه النهر الذي قامت عليه الحضارات الحيثيه في بلاد الاناضول , وهو من الانهر العظيمه التاريخيه ومر بعدة مراحل في التطور التكويني لمجرى النهر , وفي الآونة الاخيره يؤسفنا منظر النهر الرائع الذي تغنى له العديد ، وألهم الشعراء والادباء والمطربين بجماله الأخاذ ونسائمه العذبة وعطائه الوفير .
الأن اصبح يعيش في حالة بؤس وحرمان اثر تشييد عشرات السدود عليه في تركيا وسوريا والعراق . ولننعي الفرات عن قرب وعن بعد ونتذكر ايامه الجميله وروعته وروعة الاشجار التي انتشرت حوله ومنه عرفنا البردي والقصب والكعيبه والشنبلان ولنقول
مرالفرات من هنا .. ! ولفظ النهر أنفاسه الأخيرة بعد اسبوع كامل من الاحتضار ، ومن الآن فصاعداً لن يداعب احاسيسنا هدير هذا النهر الذي شيدت عليه المدن العراقية من الشمال الى الجنوب واجمل مدينة جنوبية وعراقية ، ولن تستمتع أعيننا بعد اليوم بضوء القمر المتراقص على امواج هذا الماء العذب الذي
أخصب مئات الآلاف من الاراضي زراعية والبساتين الباسقة هذا النهر كان معطاءً حتى رمقه الاخير ، إذ روى وعبر الأجيال عشاقه وكان الحضن الرحب والصدر الحنون لأبنائه المتعطشين للسباحة ايام حر الصيف .. هذا النهر الذي طالما تسامرنا على ضفافه حيث كان قبلة العاشقين ومؤتمن أسرارهم وشاهد وعودهم ، فتحول الى برك صغيرة مليئة بأعشاب النهر ، ورحلت عنه الطيور المهاجرة ، ولم تسعف اسماكه التي طفحت الى سطح البرك ، ولا بمقدور دموع اهل المدينة جميعهم من صنع موج واحد من امواجه ، حقا انها مأساة لم يشهدها النهر من قبل ، وقصة يحكيها الجسر الاثري بانحنائة لأجيالنا القادمة ويقول لهم .. مرت السفن من هنا ، هذا إن استوعب الصدمة وبقي صامدا ، باختصار شديد انه نهاية الجمال بكل فضاءاته ونهاية العطاء بكل مداهان القحط وكارثة جفاف نهر الفر ات احدث حالة من هيستريا يصاحبها الهذيان لدى ابناءالناصريه ، فقد عبر المواطن علي حسن علي وهو فلاح بسيط، عاد حال سقوط النظام البائد الى ارضه بعد سنوات التشرد عن مدى دهشته لما حدث قائلا: ” ليس بمقدوري استيعاب الفاجعة ، نعم هي فاجعة بالنسبة لي ولأهل المدينة ، كيف اتصور بأن نهر كرمة حسن يتوقف عن التدفق ، كارثة حلت بالمدينة وبكل ما فيها ، ليغدو اطلالة رغم خلوده في ضمائرنا ، بل قل انه نهاية الحياة بعينها ، لقد اغتيل ” الفرات ” في زحمة الصراعات والتناحرات في العراق”،
نهر السفحه /اياد خيون آل بحر
📲
تابع قناة أخبار الناصرية على تلغرام
تصلك الأخبار العاجلة والمواد الحصرية مباشرة على هاتفك.