10 مارس، 2025
مقالات

الابتزاز الإلكتروني للنساء في العراق: جريمة رقمية تتطلب حلولًا جذرية/ فاطمة كريم

الابتزاز الإلكتروني للنساء في العراق: جريمة رقمية تتطلب حلولًا جذرية/ فاطمة كريم

مع التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، برزت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني كإحدى الجرائم الرقمية المقلقة في العراق، مستهدفة النساء بشكل خاص وتتعددت أساليب المبتزين، مما يفرض تحديات كبيرة على الضحايا والمجتمع بأسره.

أطلقت منظمة نايا بالتعاون مع المجلس الأعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية حملة توعوية واسعة لمكافحة الابتزاز الإلكتروني، تستهدف النساء والفتيات في مختلف أنحاء البلاد.

وتهدف الحملة إلى رفع الوعي بمخاطر الابتزاز الإلكتروني عبر المنصات الرقمية وتزويد النساء بأساليب فعّالة لحماية أنفسهن من الوقوع ضحايا لهذا النوع من الجرائم.

تشير التقارير إلى أن النساء يشكّلن النسبة الأكبر من ضحايا الابتزاز الإلكتروني في العراق ففي عام 2024، سجلت وزارة الداخلية انخفاضا في حالات الابتزاز الإلكتروني، حيث تم معالجة 566 حالة، منها 527 حالة تخص النساء و39 حالة تخص الرجال وفي عام 2023، تم إيقاف 1520 حالة ابتزاز خلال الأشهر التسعة الأولى.

تُعد الفتيات بين سن 15 و18 عامًا الأكثر عرضة للابتزاز الإلكتروني، نظرًا لقلة الخبرة والانجراف خلف شخصيات وهمية عبر الإنترنت كما أن النساء بين 18 و35 عامًا قد يقعن ضحايا بسبب الاستخدام غير الواعي لمواقع التواصل الاجتماعي .

تُعَدُّ الناشطة مريم الفرطوسي من منظمة أليس، وهي منظمة غير ربحية تسعى إلى الدفاع عن حقوق المرأة والطفل ، وهي من الأصوات البارزة التي تناولت قضية الابتزاز الإلكتروني ضد النساء. 

أشارت الفرطوسي إلى أن “العنف الرقمي ضد النساء أصبح قضية متزايدة الأهمية”، مؤكدةً تعرض النساء لأشكال متعددة من الإساءة عبر الإنترنت، بما في ذلك التحرش والتشهير والتهديدات والمطاردات الرقمية. كما لفتت إلى أن العراق يفتقر إلى مقومات الأمن الرقمي والجسدي والنفسي، مما يزيد من تعرض النساء للعنف الرقمي والابتزاز .

من جانبها، أوضحت المحامية زهراء حسن أن الابتزاز الإلكتروني يُعَدُّ من الجرائم البارزة في العصر الرقمي، حيث يقوم المبتزون بتهديد الضحايا بنشر صور أو معلومات شخصية للحصول على مكاسب مادية أو معنوية. وأشارت إلى أن الجهل بسلبيات التعامل مع التقنيات الحديثة، بالإضافة إلى الفقر والبطالة، يُسهمان في زيادة حالات الابتزاز. كما نبهت إلى أن ضعف الرقابة الأسرية وتغير أنماط التواصل الاجتماعي يزيدان من تعرض الأفراد، خاصة النساء، لهذه الجرائم .

في السياق نفسه، بيّنت  أن انتشار الجهل وفشل النظام التعليمي، إلى جانب المشاكل الاجتماعية المتفاقمة بعد عام 2003، فتح الباب أمام العصابات لاستغلال الضحايا وتصاعد حالات الابتزاز الإلكتروني. وأشارت إلى أن إهمال الحكومات المتعاقبة لملفات المرأة والطفل، وعدم وجود برامج تنموية، ساهم في تفشي هذه الظاهرة وتفاقمها داخل المجتمع العراقي .

تُجمِع هذه الناشطات على ضرورة تعزيز الوعي الرقمي، وتوفير الدعم القانوني والنفسي للضحايا، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية للأمن السيبراني في العراق، للحد من انتشار جرائم الابتزاز الإلكتروني وحماية النساء من تبعاتها السلبية.

واستجابةً لارتفاع معدلات الابتزاز، أطلقت الحكومة العراقية عدة مبادرات لمكافحة الجريمة الإلكترونية. من أبرزها مشروع رقم الطوارئ الموحد (911)، الذي يتيح للضحايا الإبلاغ بسرية تامة وطلب المساعدة من الجهات المختصة. يتميز هذا النظام بقدرته على استقبال المكالمات بخمس لغات ويعمل على مدار 24 ساعة .

بالإضافة إلى ذلك، أطلق جهاز الأمن الوطني العراقي حملة توعية كبيرة تحت عنوان “احنا بظهركم”، تهدف إلى حماية الفتيات، خاصة طالبات الثانوية والإعدادية، من جرائم الابتزاز .

على الرغم من الجهود المبذولة، تواجه الضحايا تحديات في الإجراءات القانونية والأمنية، حيث تُعتبر بعض هذه الإجراءات معقدة وبطيئة، مما يدفع بعض النساء إلى التراجع عن تقديم الشكاوى . ولتسهيل هذه العملية، زجّت وزارة الداخلية بعناصر نسوية في التحقيق بجرائم الابتزاز الإلكتروني، بهدف توفير بيئة أكثر أمانًا للضحايا .

يُعتبر الابتزاز الإلكتروني تحديًا حقيقيًا يواجه النساء في العراق. وللتصدي لهذه الظاهرة، يجب تعزيز التوعية، تبسيط الإجراءات القانونية، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للضحايا. كما يتعين على المجتمع ككل الوقوف صفًا واحدًا لمكافحة هذه الجريمة وحماية النساء من مخاطرها.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق قراءة المزيد