التغيُّر المناخي يدفع بنساء اهوار ذي قار نحو النزوح والبحث عن مهن أُخرى

علاء الطائي

عمدت ام حسن مربية المواشي في اهوار الجبايش الى استبدال مهنتها نحو صناعة الحصران بعد ان دفعها الجفاف نحو ذلك حتى أصبحت الظروف المعيشية عليها غير يسيرة.

و تنظر ام حسن مربية المواشي في قضاء الجبايش بمحافظة ذي قار جنوب العراق بنظرة منكسرة الى الجاموس الذي هلك نتيجة الجفاف مما اثر على واقعهن المعاشي لتبحث عن حلول لعلها تصل الى نتيجة تسهم في بقائها بعد ان ارتحل العشرات من العوائل نتيجة الجفاف ونفوق المواشي.

لكنه نظراتها بقيت قلقة غير مطمئنة لواقعها فهي تشك من ان يكون هناك حلولا تلوح في الافق سواء عن طريق دفعات ماء تزرع في نفسها الامل للبقاء، فهذه المواشي وبعض النباتات التي تخرج في الاهوار هي المصدر الاساسي لمعيشتها وبقائها في هذه البيئة التي توارثتها عن ابائها واجدادها .

هذه المراة الستينية اضطرت الى بيع بعض من مواشيها البالغة عددهن 15 راسا لعلها تستطيع ان تعيل نفسها وتسيطر على تربيتها ولكن الامر يزداد سوءً يوماً بعد يوم بعد ان شهدت الاهوار انخفاضاً بالمناسيب بمقدار سمنتمتر واحد يوميا كما رصده المراقبون في الشأن البيئي.

وعمدت بمساعدة ابنتها الى صناعة الحصيرة القصبية التي تتم عن طريق القصب والبردي وهو احد النباتات الطبيعية التي تخرج من دون تدخل الانسان اذ تقطع مسافات طويلة تصل الى 3 كيلو مترات من الصباح للوصول لغرض الحصول على هذا النبات، بعد ان كان محاط بهم من كل جانب الا ان الشحة المائية تسببت في عدم الانبات، فعملية صناعة الحصيرة القصبية تعينها على مقاومة الحياة كي تعيل نفسها وافراد عائلتها المكونة من ثلاثة افراد من خلال بيعها لمن يرغب بشرائها.

وخلال الفترة الممتدة من نيسان وحتى كانون تسجل الاهوار مشهدا متكرر بانتقال السكان عبر عجلات صغيرة وكبيرة ينقلون مواشيهم واغراضهم ذاهبون نحو اعالي الانهر في واسط او النجف وبابل بحثا عن موطن اخر وما يحل الشتاء ليعودوا من جديد ولكن هذه الحياة لم تعد تروق لهم بهذه الطريقة.

الخبير المائي في منظمة طبيعة العراق جاسم الاسدي ان المخطط لاغمار الاهوار بالمياه وفق رؤية مركز انعاش الاهوار التابع لوزارة الموارد المائية تصل الى 5560 كيلو متر مربع ولم يبلغ الاغمار لكامل
المساحة خلال السنوات الماضية الا افي عام 2019 فقد تحقق نسبة اغمار 80% ولكن سرعان ما تراجع حتى جفت اغلب المساحة اذ تجاوزت نسبة الجفاف في هذه المساحة 90% وما بقي سوى مياه في الجداول والانهار الضيقة.

ويضيف الاسدي بان السكان المحليين يواجهن اشرس ظروف مرت عليهم خلال الازمنة الماضية حتى ان اسعار حيوان الجاموس الذي يعد العنصر المكمل والاساسي للاهوار انخفضت الى قرابة المليوني دينار.

مدير زراعة ذي قار فاقد عبد الامير بيّن ان التغير المناخي أثر على مربي الجاموس بشكل مباشر فجفاف الاهوار انعكس سلبي على واقع حيوان الجاموس والذي يعد احد العناصر الرئيسة التي يعتمد عليها المربين فانخفاض المناسيب المائية وجفاف المساحات الاكبر وقلة نبات القصب والبردي تسبب بهلاكات فخلال صيف 2022 حتى اذار 2023 تجاوزت الهلاكات 6500 راس من الجاموس وبالتالي ترك هذه المهنة والبحث عن مهن اخرى في المدن.

زينب شهيد الاسدي من شبكة نساء العراقيات اوضحت بان التغير المناخي تسبب بمشاكل للمراة الريفية وفي مقدمتها فقدان مصادر العيش لذا عمدن الى النزوح وتم ملاحظة ذلك اذ سجلنا ما يقارب في الصيف الماضي نزوح عائلتين بشكل يومي وهذا الامر يؤشر بشكل سلبي على المراة الريفية.
وسجلت محافظة ذي قار في الاعوام الممتدة من 2021 وحتى 2023 نزوح اكثر من 1300 عائلة بسبب الجفاف ولازالت الاعداد في تزايد في الوقت الذي كشف معاون محافظ ذي قار فيصل الشريفي عن
مبادرة للبنك الدولي بتدريب اكثر من 2000 رب اسرة مناصفة بين النساء الرجال لتعليمهم مهن مختلفة مقاربة لاجوائهم لديمومة توطينهم في مناطقهم وبعدها منحهم قروضاً مالية من اجل البدء بها.
انتهى.

تم إنتاج هذا التقرير ضمن اطار مشروع أصواتنا المنفذ من قبل منظمة انترنيوز