برعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وضمن المبادرة الوطنية لتنمية الشباب،
أطلقت منظمة (نايا) بالتعاون مع المجلس الأعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية حملة ضد الابتزاز الإلكتروني، مشددة على ضرورة الإبلاغ عن المبتز، وتوعية النساء بكيفية حماية أنفسهن من الوقوع في هذا الفخ.

الابتزاز الإلكتروني.. كابوس يطارد النساء في العراق

مع انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، بات الابتزاز الإلكتروني واحدًا من أخطر الجرائم الرقمية التي تهدد الأمن الاجتماعي في العراق، خصوصًا بالنسبة للنساء فبينما يسهل الإنترنت التواصل وتبادل المعلومات، فإنه أيضًا يفتح الباب أمام المبتزين لاستغلال الثغرات الشخصية، مستهدفين الضحايا بأساليب نفسية واجتماعية معقدة.

تعد النساء الفئة الأكثر تضررًا من هذه الجريمة، حيث يواجهن ضغوطًا مجتمعية تجعل الإبلاغ عن الابتزاز أكثر تعقيدًا. فبدلًا من تلقي الدعم، قد تجد الضحية نفسها محاصرة بالخوف من الفضيحة أو اللوم، مما يدفع بعضهن إلى الاستسلام لمطالب المبتز خوفًا من التداعيات الاجتماعية.

لماذا النساء أكثر عرضة للابتزاز الإلكتروني؟

تشير التقارير الأمنية إلى أن نسبة كبيرة من حالات الابتزاز الإلكتروني في العراق تستهدف النساء، وذلك لعدة أسباب، منها:
• المحرمات الاجتماعية: لا تزال النظرة المجتمعية للمرأة أكثر تحفظًا، مما يجعل أي تهديد يتعلق بالسمعة يُنظر إليه على أنه كارثي، حتى لو كانت الضحية لم ترتكب أي خطأ.
• الاعتماد الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي: مع ازدياد استخدام النساء للإنترنت في الدراسة، العمل، وحتى الترفيه، يزداد خطر التعرض للاختراق أو الاستدراج العاطفي.
• الخوف من التبليغ: كثير من النساء يتجنبن اللجوء إلى الجهات الأمنية خوفًا من عدم الحصول على الدعم الكافي أو من العواقب الاجتماعية.

قصص من الواقع.. معاناة بصمت

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من القصص لنساء تعرضن للابتزاز الإلكتروني في العراق، لكن قلة منهن تجرأن على الحديث علنًا. بعض الضحايا اضطررن إلى دفع مبالغ مالية كبيرة أو تنفيذ طلبات مهينة فقط لحماية سمعتهن، بينما لجأت أخريات إلى العزلة أو حتى التفكير بالانتحار بسبب الضغوط النفسية الشديدة.

إحدى الفتيات التي رفضت الكشف عن هويتها، تحدثت عن تجربتها قائلة: “تعرفتُ على شخص عبر الإنترنت، كان يبدو محترمًا في البداية، لكنه بدأ يطلب مني صورًا شخصية، وحين رفضت، قام بتهديدي بنشر محادثاتنا مشوهًا سمعتي. لم أجد من يساعدني، ولم أجرؤ على إخبار عائلتي خوفًا من رد فعلهم.”

كيف تواجه الدولة العراقية هذه الظاهرة؟

استجابةً لارتفاع معدلات الابتزاز، أطلقت الحكومة العراقية عدة مبادرات لمكافحة الجريمة الإلكترونية، أبرزها مشروع رقم الطوارئ الموحد (911)، الذي يتيح للضحايا الإبلاغ بسرية تامة وطلب المساعدة من الجهات المختصة. يتميز هذا النظام بقدرته على استقبال المكالمات بـ 5 لغات (العربية، الإنجليزية، الكردية، التركية، والفارسية) ويعمل على مدار 24 ساعة.

كما تعمل وزارة الداخلية على تعزيز قدراتها في تعقب المبتزين من خلال فرق مختصة في الجرائم الإلكترونية، إضافةً إلى حملات توعية تحث النساء على عدم الخضوع للابتزاز والإبلاغ عن أي تهديد فورًا.

كيف تحمي النساء أنفسهن من الابتزاز؟

يمكن للنساء تقليل خطر الوقوع في الابتزاز الإلكتروني عبر اتخاذ بعض الاحتياطات المهمة:

  1. عدم مشاركة الصور والمعلومات الشخصية عبر الإنترنت، حتى مع الأشخاص الذين تثق بهم.
  2. تأمين الحسابات بكلمات مرور قوية وتفعيل التحقق الثنائي لمنع الاختراق.
  3. عدم قبول طلبات الصداقة من مجهولين وعدم الدخول في محادثات خاصة مع أشخاص غير معروفين.
  4. الحذر من مشاركة البيانات الحساسة عبر الإنترنت، وعدم الضغط على روابط مشبوهة.
  5. الإبلاغ فورًا عن أي محاولة ابتزاز وعدم الرضوخ للمطالب مهما كانت التهديدات.

كسر حاجز الخوف.. الحل يبدأ بالإبلاغ

إن معالجة ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في العراق تتطلب تغييرًا جذريًا في طريقة التعامل معها. يجب أن تدرك النساء أنهن لسن وحدهن، وأن هناك جهات مختصة قادرة على حمايتهن ودعمهن. التبليغ عن الابتزاز ليس ضعفًا، بل هو خطوة جريئة لكسر دائرة الخوف وحماية الأخريات من الوقوع في نفس الفخ.

إذا كنتِ أو أي شخص تعرفينه تعرض للابتزاز، لا تصمتي. تذكري أن الإبلاغ هو حقكِ.. والصمت ليس حماية بل استسلام.