شناشيل ذي قار ، تراث يحتضر .. الناصرية وأدت آخرها واقضينها تسير على الأثر
Thu, 13 Oct 2011 الساعة : 14:15
الناصرية/كاظم العبودي:
منازل تحكي قصة إنشاء مدينة "الناصرية " على ضفتي نهر الفرات ، سكنها الأجداد وملكها الأحفاد ، جميلة المظهر شامخة البنيان ، مزخرفة بأنواع من الزخارف والنقوش على الألواح الخشبية التي صنعت منها الشرفات المطلة على الأزقة الضيقة ، أبنية تفوح منها روائح الأخشاب القديمة ، تذكرك بحقبة زمنية مرت على العراق ، يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر وأخرى لمطلع القرن الماضي ، ارث بمعنى الكلمة طاله الإهمال فوئد بأيدي أهله الوارثون الذين لم يعرفوا قيمته .
مديرة هيئة اثار ذي قار وصال نعمة قالت قمنا بمفاتحة الهيئة العامة بهذا الخصوص من اجل منع هد تلك الشناشيل "الاراسي " التي تعتبر من تراث المدينة الأصيل .
وأضافت إن هيئة الآثار العامة ليس لديها صلاحيات منع الهد وإنما تقوم بدورها بمفاتحة وزارة البلديات والأشغال التي بدورها توجه كتاب لمديرية البلدية أو البلديان لمنع الهد وهذا ضمن الإطار القانوني للحفاظ على تراث المدينة .
وتابعت إن الشناشيل مدرجة ضمن التراث لان تاريخها يعود إلى قرابة 200 عام ، كذلك نواظم الأنهار فهي مدرجة أيضا ضمن تراث المدينة لكن مع الأسف الشديد ليس هناك صلاحيات كافية للحفاظ عليها .
وأشارت إلى إن الناصرية لم يعد فيها شناشيل بينما توجد في أقضية المحافظة بأعداد قليلة ففي سوق الشيوخ سبعة منازل ، وأعداد مقاربة لهذا العدد في الشطرة وفي الرفاعي .
من جانبه يقول الكاتب والباحث ماجد كاظم علي " إن تاريخ نشأت الشناشيل يعود إلى تاريخ تأسيس مدينة الناصرية أي في عام 1969م وأول بيت شناشيل شيد فيها أثناء حملة بناء الناصرية هو بيت لرجل مسيحي ، جاء مع الحملة ثم اشتراه عبد الواحد النجار بـ 1120 دينار لأنه كان من اروع الشناشيل وحسب علمي ان المنزل قبل ثلاثة أشهر هو شاخص كما هو ويقع قرب حديقة غازي الحالية " .
وتابع إن الشناشيل هي احد فروع التراث الشعبي " لكن في العراق لم ينظر لها كما في كل دول العالم ومن المؤسف أن يكون هذا قدرنا ولعل ذلك يرجع إلى إن العراقيون قليلي الاهتمام بتراثهم فهذا المعلم الذي كان شاخصاً ببهاء في شوارع المدينة امتدت له يد الإهمال أولا ثم النسيان ثانياً ثم الهدم فضاعت تلك المزخرفات الجميلة والمزجات الرائعة والأصص الخشبية الساحرة ولم يبقى منها شيئاً " .
ويضيف " كان بالإمكان استغلال الشناشيل كمعلم حضاري في المدينة لكننا مع الأسف ضيعنا ذلك التراث القيم وتلك الفرصة الثمينة " .
وأضاف إن شناشيل " مدينة الناصرية يعود تاريخها كما أسلفنا إلى القرن التاسع عشر أما شناشيل الاقضية فيعود تاريخها إلى بداية القرن العشرين ومنتصفه أي في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي "
فيما قال البناء ، ابو علي حسين الازيرجاوي " أنا قمت بهد آخر بيت شناشيل في مدينة الناصرية قبل عام ونصف تقريباً وهو يقع في "الدربونة "المقابلة لمنزل الشيخ الناصري ، عن طريق مقاولة مع صاحب المنزل .
إلى ذلك يقول المواطن حسن بعد الغني الحمادي احد سكنة محلة السيف التي كانت تكثر فيها الشناشيل ، إنها كانت تنتشر في مناطق السراي والسيف وشارع الجمهورية والصابئة بالإضافة للحبوبي وكان هناك شناشيل جميلة جداً مثل شناشيل بيت عجام القريبة من النهر ، وعبد الأمير الغرباوي والد شاكر الغرباوي ، وشناشيل الحاج كنو .
وبين إن الشناشيل عبارة عن نقوش فنية جميلة تعمل يدوياً يعملها نجارون مهرة كان بعضهم كبار السن وتطورت هذه العملية حتى أصبحت آلية حيث استخدمت الآلات "الجراخة" لعمل هذه النقوش ، ومن الأشخاص الذين عرفوا بهذه المهنة في مدينة الناصرية ، حميد الجراخ حيث كانت محلت السيف تعج بـ " الجراخين " .
وأضاف عند توسيع شارع النيل واستملاك الدولة" البلدية " للأراضي في ستينيات القرن الماضي " هدت الكثير من الشناشيل من اجل توسعة الشارع ونقلت الشناشيل إلى مكان جميل في بحيرة في منتصف متنزه الناصرية وكنا ننظر إليها عند زيارة المتنزة في الماضي ولا اعرف أين هي الآن فلم أراها منذ زمن طويل " .
وعن شناشيل سوق الشيوخ قال :الحاج جبار حسن إن بعض البيوتات المزينة بالشناشيل موجودة في محلات الحويزه وألنجاده والبغاده والحضر ، حيث تفنن بها النجارون وشيدوها وفق أساليب خاصة .
وأشار إلى إن نجارا شهيرا كان يسكن سوق الشيوخ مختص بنجارة الشناشيل يدعى حسين مازون ، فضلا عن عدد من النجارين اليهود وأصحاب المعامل وكان هناك معمل لليهود قرب سوق الحميضي حاليا ، معربا عن حزنه وهو يشاهد اختفاء اغلب تلك الاراسي من المدينة .
ودعا الأسر التي تمتلك في منازلها شناشيل لغاية الآن إلى المحافظة عليها والاهتمام بها وإصلاحها لأنها تمثل تاريخ المدينة .
المصدر: جريدة إخبار الأسبوع العدد 25 .