أفعى سامة تُحيل ناحية (سيد دخيل) إلى منطقة منكوبة

Wed, 5 Sep 2012 الساعة : 8:16

وكالات:

ناحية سيد دخيل في الناصرية، شهدت خلال الفترة الأخيرة، ظاهرة انتشار نوع من الأفاعي السامة، نتيجة ظاهرة التصحر وعمليات الحصاد في الحقول المحيطة، حيث سببت هذه الأفاعي السامة وفاة عشرات الأشخاص بعد تعرضهم إلى لدغاتها

ما استدعى الأهالي أن يطلقوا اسم ناحيتهم على هذه الأفاعي بأفعى سيد دخيل (حية سيد دخيل) أو الأفعى أم الصليب حيث تسبب هذه الأفاعي النزيف الشديد الداخلي والخارجي من أعضاء الجسم وتسبب الوفاة نتيجة حدوث فشل حاد بالقلب.

أفعى سيد دخيل
هي من الأفاعي السامة والتي تمتاز ببوز قصير ومستدير ورأسها المثلث مغطى بحراشف صغيرة شكله يشبه السهم أو الصليب. الرأس مميز عن الجسم الأسطواني والذيل قصير والصفائح تحت الذيلية مفردة. قد يصل طول الأفعى البالغة إلى 620 ملم، وطول الذيل 60 ملم. لونها من ناحية الظهر يضرب إلى الحمرة أو الغبرة وعليه بعض الخطوط المستعرضة البيضاء المصفرة التي قد يصل عددها إلى 40 وتكون هذه الخطوط بقعاً سوداء محمرة أو يميل لونها إلى الأبيض وبه نقط مغبرة، العين متوسطة وإنسان العين رأسي.
 تكثر في البيئات الرملية والم غطاة ببعض الأعشاب والحشائش. غسقية المعيشة وتتغذى على الفئران والطيور والسحالي والضفادع والعقارب والديدان .. قد تسبح في الماء وتتحرك أحياناً بحركة جانبية كالأفعى المقرنة ((أم جنيب)) إلا أنها قد تتحرك بطريقة ثعبانية مثل باقي الثعابين الأخرى، ونشاطها ليلي وتقضي نهارها في جحر القوارض وتحت الأحجار ويزداد نشاطها في الايام الرطبة والممطرة والحارة.
حوادث ووفيات
يتحدث والد احد الضحايا الذين تعرضوا للدغة أفعى سيد دخيل من أمام مستشفى الناصرية قائلا: تعرض ولدي الى لدغة الافعى فقمنا بنقله الى ناحية سيد دخيل وبقي ربع ساعة حيث نقلناه إلى مستشفى الناصرية، حيث أعطوه المصل الخاص بالبلازما وبقي ستة ايام في المستشفى فظهرت عليه حالة نزف الدم من فمه ومن بطنه واستمر الحال به دون ان يتحسن وضعه وفي اليوم السابع حدثت الوفاة . ويروي علي شندوخ من قرية آل مزيعل التابعة لناحية سيد دخيل تفاصيل تعرضه لمهاجمة الأفعى أثناء عودته من زيارة أحد أصدقائه ليلا ، إذ يقول شعرت بوخزة تشبه الى حد ما وخزة الإبر في قدمي اليمنى ، وذلك عندما كنت أسير في ممر صغير تملأه الأشواك .
نزف كلي
ويسترسل : عرفت ان هذه الوخزة هي لأفعى سيد دخيل وركضت مسرعا مع شعوري بثقل كبير فوق رجلي ، ووصلت إلى المنزل ونقلوني إلى المستشفى العام وهناك بدأ النزيف من جميع أنحاء جسمي وفقدت أكثر من تسع قناني من الدم والتي تم تعويضها من احد الأشخاص الذين تعرضوا للدغة نفسها من هذه الأفعى وتماثلت للشفاء.
ويصف حسن عبدالله من قرية الحصونة كيفية تعرضه للدغة هذه الأفعى بالقول : عندما كنت عائدا للبيت ليلا هاجمتني أفعى طولها نصف متر تقريبا وبتراء رمادية اللون وعلى رأسها صليب فعرفت انها أفعى سيد دخيل القاتلة ، فأسرعت الى ربط ساقي من الأعلى كي امنع سريان السم في إنحاء جسدي.
ويضيف : تم نقلي الى المستشفى ورقدت فيها تسعة ايام فقدت خلالها نحو ثماني قناني من الدم وكنت انزف من جميع انحاء جسمي ، وبعد جلب قناني الدم من متبرعين عدت الى الحياة تدريجيا والحمد الله.
وتابع : بعد مرور أربعة أيام تعرضت شقيقتي البالغة من العمر 25 عاما للدغة الأفعى القاتلة عندما كانت تجني محصول الخيار من الحقل القريب من البيت وفارقت الحياة بعد ساعات قليلة من تعرضها للدغة.
الوفيات في تزايد
يقول الدكتور كريم عبيد من مستشفى سيد دخيل بان الإصابات بلدغة الأفعى ازدادت خلال العشرين سنة الماضية، حيث أصبحت الإصابات من متفرقة بالعدد إلى أعداد كبيرة حيث سجلنا خلال فترة قصيرة أكثر من 30 إصابة نهايتها كانت الوفاة أما الإصابات التي نجت فأكثر من 150 إصابة. بينما يذكر السيد حسن هادي عضو المجلس البلدي لناحية سيد دخيل بان الناحية تعتبر منكوبة بسبب انتشار أفعى سيد دخيل فيها بصورة مخيفة حيث سجلت وفيات أكثر من 45 شخصاً حتى الآن.
أما مدير بيئة الناصرية فقد حمل اللوم على الإجراءات الضعيفة والروتينية التي تتخذها وزارة الصحة ووزارة البيئة وقال إن الوضع خطير جدا ويجب إيجاد الحلول التي تحمي الناس من سموم هذه الأفعى وقد شكلت لجان من مجلس البلدية والمحافظة لغرض شرح الوضع الخطير عند الحكومة المركزية.
عبد الحسين عبد الله شيخ عشيرة آل حيال في ناحية سيد دخيل قال: إن الأفاعي السامة قتلت العديد من أبناء العشائر والأرياف وكانت إحدى ضحايا هذه الأفاعي هي شقيقتي التي توفيت بعد أيام قليلة من تعرضها للدغة سامة في قدمها.
 وأشار الشيخ عبد الله إلى أن الخوف والذعر من هذه الأفاعي بدأ ينتشر في الناحية خصوصاً بعد أن قتلت أكثر من 50 شخصاً، وأصبح خطر الموت بسموم هذه الأفاعي هاجساً يؤرق الكثيرين  .
أمصال لم تنفع
الكثير من الباحثين والأطباء والصيادلة حاولوا جاهدين ايجاد مصل ناجح ومفيد للدغة هذه الأفعى إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل بسبب نقص الإمكانات والتخصيصات اللازمة. وزارة الصحة أوفدت عددا من المتخصصين لزيارة مدير عام مستشفى الناصرية والتباحث معه حول هذا الأمر وعقدت ندوة حضرها أعضاء المجلس البلدي لناحية سيد دخيل والوفد المرسل من وزارة الصحة وعدد من أطباء المحافظة ، المستوصف الصحي في ناحية سيد دخيل والمستشفى المركزي في الناصرية اكدا عدم الانتفاع من المصل المقدم للمستشفيات في المحافظة وهو غير مؤثر والدليل حدوث هذه الوفيات الكثيرة بين سكان ناحية سيد دخيل ، وزارة الصحة وأخصائي الباطنية اكدوا عمل المصل بصورة طبيعية وليس هناك أدنى شك في عمل المصل للدغة هذه الأفعى، الامر زاد من عقدة حل الأمر او إيجاد حلول ناجعة لإنهاء مأساة سكان ناحية سيد دخيل.
روايات
روايات عديدة يتناقلها سكان هذه المنطقة عن هذه الأفعى ، البعض يقول إن المحتل البريطاني جاء بهذه الأفعى في بدايات القرن العشرين انتقاما من ثوار ذي قار وعشائر آل ابراهيم الذين أذاقوهم السم الزعاف ، واطلق عليها اسم افعى سيد دخيل والتي بقيت في هذه الناحية منذ ذلك الوقت حتى الان على الرغم من جلاء الاحتلال ، البعض الاخر ومنها جهات سياسية حملت دول جوار العراق مسؤولية تواجد حيوانات وافاعٍ غريبة من خلال ارسالها الى العراق على شكل بيوض او افراخ صغيرة تنمو وتترعرع في البيئة العراقية وخير دليل على ذلك وجود التماسيح في الديوانية وهذه الأفاعي وحيوان الكرطة وغيرها من الحيوانات التي لم يألفها الانسان العراقي في بيئته . وبحسب اكاديمي متخصص بالزواحف في جامعة البصرة، فان الأفاعي المنتشرة حالياً في الناصرية، هي افعى المامبا السوداء الإفريقية، التي تعد منطقة وسط إفريقيا موطنها الأصلي. وتساءل الخبير الأكاديمي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، عن كيفية وصول هذا النوع من الأفاعي الى العراق، وتحديداً الى الناصرية. وقال ان انتشار افعى المامبا الافريقية في مناطق سيد دخيل والحصونة والإصلاح والغراف، لا يعدو ان يكون عملاً منظماً لا يمكن ان يقوم به فرد وانما دولة او اجهزة مخابرات دول مجتمعة.
ويرى ان من قام بتهريب افعى المامبا الإفريقية إلى جنوب العراق، مدرك تماماً ان الموجات الثلاث الأولى من الحيوانات الغريبة، فشلت في تحقيق اهدافهم العدوانية، مشيراً في هذا الصدد الى ثلاث موجات من الحيوانات الغريبة والبعيدة كلياً عن بيئتها الاصلية، وتحديداً صغار التماسيح التي تم رميها في مستنقعات هور (أصلين) واختفت بسرعة بعد ان هاجمتها الطيور الجارحة وكذلك ظهور اعداد غير متوقعة من اسماك القرش القاتلة في انهار سوق الشيوخ والجبايش وقبلها ظهور حيوانات من الفصيلة الكلبية الضارية، اطلق عليها شعبياً تسمية (الكرطة) في مناطق كرمة علي وابو صخير وام عنيج بين البصرة والناصرية.
الأفعى تتقدم نحو المدينة
كالطوفان الهائج الذي يثير الرعب بتقدمة نحو الشاطئ فان افعى سيد دخيل تمارس ذات الفعل، فقد حذر مدير مدير بيئة ذي قار من وصول أفاعي ناحية سيد دخيل الخطرة إلى مركز محافظة ذي قار ، وهي من اخطر أنواع الأفاعي في العالم .فيما أكد المهندس راجي نعيمة إن هناك احتمالية وصول أفعى سيد دخيل إلى مركز المحافظة بعدما شوهدت خارج حدود مدينة سيد دخيل – 17 كم جنوب الناصرية، ودعا نعيمة مديرية الزراعة إلى أهمية رش المبيدات الخاصة وتحديد أماكنها، بالإضافة إلى ضرورة أن توفر مديرية الصحة المصل الخاص بذلك.
مشددا على الحكومة المحلية الاستعانة بخبراء من دول أخرى ومنها الهند للمساهمة في الحد من تأثير مثل هذا النوع من الأفاعي.
حالتان لا ثالث لهما في هذا التعاطي من الحكومة مع هذا الخطر الزاحف نحو الناس بكل ما يشكله من هلع وخوف أدى إلى عزوف الناس عن ممارسة أعمالها، الحالة الأولى أن المسؤولين ينظرون إلى هذه الظاهرة بأنها منتشرة وليست غريبة في مناطق الجنوب ولا داعي لهذا التهويل الإعلامي الذي يحرج المسؤولين في مناصبهم، أما الحالة الثانية فهي التغاضي عن حالة الخطر الذي يفتك بالناس هناك ومحاولة تمييع القضية باتجاه أنها مؤامرة خارجية يراد منها إثارة البلبلة والخوف بين الناس.
ترويض الأفاعي
لم يكن ترويضه للأفاعي يبدو نوعا من الإثارة خصوصا أن الأمر ليس بالسهل لكن ترويضه لأفعى سيد دخيل له خصوصية يستحق التوقف عندها. فالأفعى المذكورة وعلى مدى سنوات سابقة أخذت اهتماما إعلاميا واسعا لأنها أصبحت مشكلة كبيرة لدى سكان المنطقة وكما يقول المروض محمد النصر الله إن الأفعى أودت بحياة الكثير من أبناء المنطقة  يقول: بدأت بهذه الهواية وعمري لا يتجاوز الاثني عشر عاما  وقد تمكنت من التعامل مع الأفاعي وربما كل الأفاعي لان لدي طريقتي الخاصة ، ويقول توجد في منطقتنا هنا لدى عشيرة (النصر الله ) أكثر من ثمانية أنواع من الأفاعي  ومن ضمنها أفعى سيد دخيل وتعتبر اخطر أفعى في المنطقة ، وبينما كانت أفعى سيد دخيل جالسة على يده بكل هدوء تطرق السيد محمد إلى القول بان هذه الأفعى سامة جدا وان لدغتها لا تتأخر أكثر من ثلاثة أيام، فتقضي على صاحبها ، ويتحدث عن طريقة تعامله مع الأفعى فيقول : امشي مع بعض الأصدقاء في المناطق الزراعية أو المتروكة فنشاهد الأفعى حيث أبقى أنا واقفا في مكاني بينما يهرب أصدقائي فأقوم بحملها في يدي، تلك الخصوصية التي يتمتع بها محمد النصر الله دفعت أحد مراكز البحث في جامعة ذي قار للاستفادة من قدرته على اصطياد أفعى سيد دخيل  وتزويد الجامعة بعدد منها ، حيث تعكف كلية العلوم في جامعة ذي قار على دراسة الخواص الفريدة لسمها  لإيجاد مصل مضاد .

المصدر:المدى

Share |